سورة التوبة - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (التوبة)


        


{ولئن سَأَلْتَهُمْ} عمَّا كانوا فيه من الاستهزاء {ليقولنَّ إنما كنا نخوض ونلعب} وذلك «أنَّ رجلاً من المنافقين قال في غزوة تبوك: ما رأيتُ مثل هؤلاء أرغبَ بطوناً، ولا أكذبَ أَلْسُناً، ولا أجبنَ عند اللِّقاء. يعني: رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، فأُخبر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فجاء هذا القائل ليعتذر، فوجد القرآن قد سبقه فقال: يا رسول الله، إنما كنَّا نخوض ونلعب، ونتحدَّث بحديث الرَّكب نقطع به عنا الطريق» وهو معنى قوله: {إنَّما كنا نخوض} أَيْ: في الباطل من الكلام، كما يخوض الرَّكب، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: {أباللَّهِِ وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم} أَيْ: ظهر كفركم بعد إظهاركم الإِيمان {إنْ نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة} وذلك أنَّهم كانوا ثلاثة نفر، فهزئ اثنان وضحك واحد، وهو المغفوُّ عنه، فلمَّا نزلت هذه الآية برئ من النِّفاق.
{المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض} على دين بعض {يأمرون بالمنكر} بالكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم {وينهون عن المعروف} عن اتِّباعه {ويقبضون أيديهم} عن النَّفقة في سبيل الله {نسوا الله فنسيهم} تركوا أمر الله، فتركهم من كلِّ خيرٍ وخذلهم {إنَّ المنافقين هم الفاسقون} الخارجون عمَّا أمر الله.
{وعد الله المنافقين...} الآية ظاهرة، ثمَّ خاطبهم.


{كالذين من قبلكم} أَيْ: فعلتم كأفعال الذين من قبلكم {فاستمتعوا بخلاقهم} رضوا بنصيبهم من الدُّنيا، ففعلتم أنتم أيضاً مثل ما فعلوا {وخضتم} في الطَّعن على النبيِّ صلى الله عليه وسلم كما خاضوا في الطَّعن على أنبيائهم {أولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة} لأنَّها لا تُقبل منهم ولا يُثابون عليها.
{أَلَمْ يأتيهم نبأ الذين من قبلهم} ألم يأتهم خبر الذين أُهلكوا في الدُّنيا بذنوبهم، فيتَّعظوا، ثم ذكرهم {قوم نوحٍ وعاد وثمود وقوم إبراهيم} يعني: نمروذ {وأصحاب مدين} قوم شعيب {والمؤتَفِكاتِ} وأصحاب المؤتفكات، وهي قرى قوم لوط {فما كان الله ليظلمهم} ليعذِّبهم قبل بعث الرَّسول {ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} بتكذيب الرُّسل.
{والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض} في الرَّحمة والمحبَّة {يأمرون بالمعروف} يدعون إلى الإِسلام {وينهون عن المنكر} الشِّرك بالله. الآية.
{وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة} يريد قصور الزَّبرجد والدُّرِّ والياقوت {في جنات عدن} هي قصبة الجنَّة وسقفُها عرش الرَّحمن {ورضوان من الله أكبر} ممَّا يوصف.
{يا أيها النبيُّ جاهد الكفار} بالسَّيف {والمنافقين} باللِّسان والحُجَّة {واغلظ عليهم} يريد شدَّة الانتهار، والنَّظر بالبغضة والمقت.


{يحلفون بالله ما قالوا} نزلت حين أساء المنافقون القول في رسول الله صلى الله عليه وسلم وطعنوا في الدِّين، وقالوا: إذا قدمنا المدينة عقدنا على رأس عبد الله بن أُبيّ تاجاً يباهي به رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، فَسُعِي بذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاهم، فحلفوا ما قالوا {ولقد قالوا كلمة الكفر} سبَّهم الرَّسول وطعنهم في الدِّين {وهموا بما لم ينالوا} من عقدهم التَّاج على رأس ابن أُبيّ. وقيل: من الاغتيال بالرَّسول {وما نقموا} كرهوا {إلاَّ أن أغناهم الله ورسوله من فضله} بالغنيمة حتى صارت لهم الأموال، أَيْ: إنَّهم عملوا بضدِّ الواجب، فجعلوا موضع شكر الغنى أن نقموه، ثمَّ عرض عليهم التَّوبة فقال: {فإن يتوبوا يك خيراً لهم وإنْ يتولوا} يعرضوا عن الإِيمان {يعذبهم الله عذاباً أليماً في الدنيا} بالقتل {و} في {الآخرة} بالنار {وما لهم في الأرض من وليٍّ ولا نصير} لا يتولاَّهم أحدٌ من المسلمين.
{ومنهم مَنْ عاهد الله} يعني: ثعلبة بن حاطب، عاهد ربَّه لئن وسَّعَ عليه أن يؤتى كلَّ ذي حقٍ حقَّه، ففعل الله ذلك فلم يفِ بما عاهد، ومنع الزَّكاة، فهذا معنى قوله: {لئن آتانا من فضله لنصدقنَّ} لنعطينَّ الصَّدقة، {ولنكوننَّ من الصالحين} ولنعملنَّ ما يعمل أهل الصَّلاح في أموالهم.
{فلما آتاهم من فضله بخلوا به...} الآية.
{فأعقبهم نفاقاً} صيَّر عاقبة أمرهم إلى ذلك بحرمان التَّوبة، حتى ماتوا على النِّفاق جزاءً لإخلافهم الوعد، وكذبهم في العهد، وهو قوله: {إلى يوم يلقونه...} الآية.

2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9